ذ/ابراهيم ولد جبريل |
متأخر جدا أن نتحدث بعد حوالي شهر من ذكرى الإستقلالو يكون الموضوع "على هامش الإحتفال" إلا أنني ببساطة لم أُرِد أن أنغِّص على المحتفلين فرحتهم كما لم أستطع إلا أن أعلقعلى نهاية حدثٍ ملأ الأعين وصك المسامع لأكثر من شهرين ليخادع العقول و يهمل البطون من خلال خطاب عجيب لرئيس الجمهورية بدا فيه كما لو أنه لم يتجاوز بعد عقدة الإنقلاب و نقص الشرعية و التهابات الإهمال الدولي الحادة، و استعرضت فخامته حصيلة عامين من الحكم و التحكم في البلاد والعباد أراد لها أن تكون فترة عزيزية بامتياز فهو الذي يدشن الشارع وهو الذي يفتتح المدرسة و هو الذي يرد على اتهامات المعارضة و يقود الحرب و هو الذي و هو الذي...
و انتهى الخطاب بعدم ممانعنته في إجراء حوار مع المعارضة التي تلقفت الخبر كما لو أنه مائدة من السماء، و كأنه ليس بالإمكان أحسن من ذلك!!
بصراحة أنا لست ممن يتفاءلون ببعض الأرقام ويتشاءمون ببعضها، و الرقمان 50 (خمسينية) أو 60 (ستينية) لايستهوياني أكثر من 49 أو 57، و مازلت أعتبر الخمسين مجرد عدد طبيعي، طبيعي بامتياز كغيره من الأعداد الطبيعية التي أريدَ لبعضها على ما يبدو أن يتحمل و لو مجازا أكثر من استيعابه، إلا أنني لحسن الحظ ما زلت أتذكر وعود العام 2000 عند ولد الطائع حيث كنا ننتظر جنة خضراء فإذا بنسبة نمو أقل من " جذر 2"!!.
فقط إعتقدت في هذه المرة أن الخمسينية قد تكون فرصة سانحة للرئيس بعد أن "حيّد" المعارضة و "صالح" الجوار كي يُفصح عن مقاربة شاملة و واضحة تعطي لأمثالي من المتجاوزين بصيص أمل يُمَنّون به أنفسهم لعل ذلك يساعدهم في ثورة الأمعاء و ظلمة المصير..
تابعت بحكم وجودي في نواكشوط و لإهتمامي – عادة - بالصغائر سلسلةً أو قل شريطا من الإنجازات المهمة رغم النواقص الجمة و تفاءلت على غير عادتي بـ "نوايا" رئيس الجمهورية، و الحمد لله كنت موفقا حين أجلت "التصفيق" و آثرت الإنتظار فلما انقشع غبار الجعجعة و استقرت المؤشرات انكشف الستار عن حقيقة موريتانيا الجديدة لترتفع الأسعار دون تعليق و تتتالى الأزمات الصحية و الكوارث الطبيعية دون تدخل و يتبجح الرئيس بخطاب ممل في منتهى اللا موضوعية، و مطول في منتهى اللا أولوية، مفاده أننا كنا بإفريقيا وصرنا في جنة عرضها كعرض السماوات والأرض أعدت لمنتسبي الاتحاد من أجل الجمهورية...
كنت أنتظر من رئيس الجمهورية أن يتحدث بصراحة عن الإرتفاع الجنوني للأسعار، و لم يفعل.
كنت آمل منه أن يعلق و لو قليلا على الإرث الإنساني المخجل، ولم – و ربما لن – يفعل.
كنت أفضل لو تجنب الحديث عن المعارضة لأنها ببساطة غير موجودة، إلا أنه لم يفعل.
كان بودي لو يعلم سيدي الرئيس أن الوعود ليست إنجازات و أن"النوايا" ليست أفعالا و أن الشعب لا يمكن أن يصل بسرعة السلحفاة.
كان بودي لو فكر رئيس الجمهورية بأن كل ما قيم به من شوارع في عهده لا يساوي قيمة ثلث طريق الأمل و لا طريق انواذيبو ولا كهربة 13 مدينة و لا و لا ولا... لذا لا يمكنه أن يختزل المعاناة في مجرد شق طريق أو ترقيم أكواخ..
ماذا يمنع الرئيس مثلا من التفكير في طريقة للحد من الأعداد المتزايدة لطابور المتسولين؟
ماذا يمنعه من التفكير في البدائل التي أتيحت لقوت 90% من الشعب كانت وماتزال تعيش من ريع الرشوة؟
إلى من يَكِلُ الرئيس شرطيا دخله أقل من ربع صرفه؟ وصرفه أقل من نصف حاجياته و التزاماته!
إلى من يَكِل الرئيس معلما يزدريه الجميع و السبب راتبه؟!
ألا تشفق سيدي الرئيس على أكثر من 40 بالمائة من الشعب عاطلة أو معطلة عن العمل
الرشوة ليست خيارا لدى هذا الشعب و الفساد ليس صفة محمولة على اكروموزوماته، إنما هذه أدوات قد يضطر لها البعض من غير المسلحين تربويا و معرفيا ( وهم كثر) للحصول على ما لم تتوفر السبل لإيجاده.
الحمد لله أننا متخلفون و إلا فكيف نتصور أن سوق العاصمة تحوي بضع مراحيض يسيرها أجانب ستكفي لاستيعاب الآلاف!؟،
لا يمكن أن نطالب الناس بما لم نوفر لهم أسباب الحصول عليه.
سيدي الرئيس نحن في زمن العمل،في زمن الإتقان،في زمن الإسراع، لسنا في زمن التسويف، لسنا في زمن المعلقات.
سيدي الرئيس، لقد استطاع معاوية أن يصنع من تحويل عطلة نهاية الأسبوع إنجازا و أن يجد فتوى على ذلك، بل كان على وشك تحويل المساجد مخابز و ما كان ليعدم مبررا.
و أنتم إذا أردتم أن تصنعوا من النظر في وجهكم الكريم منة على الشعب فبإمكانكم، و بإمكانكم أن تدعواأن حصول قطر على استضافة كأس العالم 2022 إنجاز عظيم لكم، لكنكم يا سيدي لن تقنعونا أن أحمر الشفاه غذاء كامل ينصح به لمختلف الأعمار.
سيدي لا تملكون حق تجاوز قتل 28 جنديا من الزنوج، فما هو ردكم عليه؟
جميل جدا أن تحاوروا المعارضة لكن أين هي؟
مشكلتك – سيدي - أنك لا تخطئ، ومشكلتنا أننا بحاجة لحماية أنفسنا من أنفسنا، و الغريب أننا نفضل أختلاس حقوقنا على المطالبة بها.
المعارضة فينا جزء من النظام و النظام فينا جزء من الفوضى و الفوضى عندنا حل لدى الغالبية!
ترى هل ستفهم حالتنا!؟ يا ليت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق