النائب /احمدو ولد عبدالقادر |
تشهد الساحة السياسية حاليا تجاذبا قويا بين المعارضة والأغلبية حول الموقف من سياسة الحكومة اتجاه الأسعار، حيث تتخذ المعارض من ما تصفه "ارتفاعها الصاروخي" ذريعة للتشهير بالنظام"، بينما تدافع عنها الأغلبية بحجة أن "ارتفاع الأسعار قضية عالمية والحكومة تدعم القوي الشرائية للمواطنين".
وفي إطار هذه التجاذبات وجه النائبان المعارضان محمد المصطفي ولد بدر الدين رئيس الفريق البرلماني لاتحاد قوي التقدم ومحمد جميل منصور رئيس حزب "تواصل"، سؤالا شفهيا لوزير التجارة بمب ولد ادرمان يوم الاثنين الماضي انتقدا فيه سياسة الحكومة في مواجهة ارتفاع الاسعار.
وقد شكل السؤال الشفهي ساحة تباري فيها نواب المعارضة لنقد الحكومة والموالاة للدفاع عنها "وكالة نواكشوط للأنباء" تنشر نموذجين من هذه المناظرة علي اساس قرعة محايدة، النموذج الاول مداخلة احمدو ولد عبد القادر "تكتل القوي الديمقراطية" التي وجه فيها كلامه لوزير التجارة، حيث قال:
"الوزير ركز رده علي ضبط قطاعه للأسعار، مقدما امثلة علي ذلك، لا اكذبها الا انه كان عليه ان يتحدث لنا عن توحيد الاسعار، الذي بدونه لامعني لضبطها، فمن يزور اليوم عشر صيدليات في العاصمة وعدد ذلك من دكاكين التقسيط التجارية سيجد اسعارها مختلفة تماما ومن هنا لامعني لضبط الأسعار الذي تحدث عنه الوزير.
وعلي ضوء حديث الوزير، ردا علي السؤال الموجه اليه، الفت الانتباه الي ملاحظة يمكن إدراكها بسهولة لأنها ملموسة وهي ان الرواتب لدينا في جمود دائم ولأسعار في دينامكية ارتفاع متواصل بسرعة وهذا التناقض يؤثر سلبيا علي مردودية أداء عمال الدولة وموظفيها وذلك تأثيره بالغ علي عملية التنمية في النهاية، فموظفو الدولة لا يستفيدون عادة مما يسمي التوزيع المجاني، الذي يحدث تارة ه هنا وهناك لسبب ما حيث يحرم منه عمال القطاعات الأكثر هشاشة مثل التعليم والصحة والشرطة وغيرهم.
انه من المسلمات في العالم المجرب للمدنية، أن الأسعار والأجور كركبتي البعير يرفعهما ويخفضهما معا ونحن احدي ركبتي البعير عندنا مطلوقة تسير كالصاروخ بينما الأخرى مسمرة ممنوعة من الحركة وهذا يسمي زراعة الخطر والمشاكل والأزمات علي المستوي المنظور والبعيد ويجب إعادة النظر فيه بحكمة وبتخطيط .
ومن اللافت للنظر انه منذ عشرين سنة المواد الكمالية الغير ضرورية من الالكترونيات وماد التجميل والرفاهية، تجد سلاسة عجيبة في الاستيراد وأسعارها منخفضة وثابتة لأنها لا توجد عليها ضرائب ولم نسمع أبدا بان الجمارك متشددين في جمركتها وهذه المواد غير الأساسية لو كانت عليها جمركة وضرائب قوية لمكن ذلك من موارد مالية لدعم المواد الأساسية الضرورية للحياة التي أسعارها في ارتفاع غير متوقف.
واقول أن سبب هذه الوضعية الليبرالية وحرية التجارة التي نفتخر بها والحرية التجارية ينبغي ان تكون رحمة ونحن عندنا نقمة علي المواطن الضعيف ورحمة علي التاجر الجشع الذي يريد جمع الثروة بسرعة وهذه الليبرالية التجارية يمكن ان ينجم عنها مجموعات من التجار الاغنياء الجيدين لاكنها تحطم مئات آلاف او ملايين المواطنين الفقراء.
أقول هذا وأؤكد ان معالجة هذه الوضعية لا تقتصر علي قطاع التجارة وحده، بل تتعاداه الي الشؤون الاجتماعية والي الحكومة باسرها المطالبة بوضع إستراتيجية اجتماعية غير هذه التي نعيشها الآن المتمثلة في الليبرالية المتوحشة".
المداخلة الثانية للنائب خداد ولد المختار (حزب الاتحاد من اجل الجمهورية الحاكم) التي كانت ردا
علي المعارضة ودفاعا عن الحكومة قال فيه:
"طلبت التدخل في هذا الموضوع لأنني اعرفه جيدا، وسأركز علي قضايا تحدث عنها الوزير، يبدوا ان البعض لم يستوعب ذلك الحديث وأقول إن مواد السكر والأرز والزيت والألبان والقمح تباع اليوم في موريتانيا بالرزية وهذا شرحه الوزير وقدم عليه امثلة حية منها ان سعر تكلفة كيلو اغرام السكر اليوم 276 اوقية علي المورد الذي يبيعه ب 244 اوقية.
وهنا أريد التنبيه إلي ان سياسة استيراد المواد الأساسية وبيعها في موريتانيا تعتمد علي سببين أولهما مهارة الموريتانيين في الشراء والبيع، ثانيا جهود الدولة في هذا الميدان وحرصها علي تخفيض الرسوم الجمركية والضرائب علي هذه المواد، التي قدمت لنا هنا في البرلمان قوانين لذلك بموجبها تخلت الدولة عن موارد ضريبية وجمركية كبيرة من اجل دعم اسعار هذه المواد المرتفعة عالميا ولو لا هذه السياسة لما استطاع أي مواطن استعمال هذه المواد وهذا واقع لا يمكن لاحد نكرانه.
قال البعض ان الموردين للمواد الأساسية مجموعة محدودة، هذا صحيح لكن مالسبب؟، ليس الحكومة قطعا، بل الخسارة المتكررة في هذه المواد، التي تباع باقل كلفة استيرادها مما سبب في إفلاس عشرات الموردين وتراكم الديون علي "سنمكس" التي ظلت تخسر 70 اوقية في كل كيلو اغرام من السكر تبيعه، مما يرغم الدولة علي التدخل لحل بعض مشاكلها.
وبما أن الوقت الممنوح لي لا يكفي لشرح هذا الموضوع، اجزم من موقع العارف لما يقول، ان الحكومة تقوم حاليا بجهد كبير للحد من تفاقم تضرر المواطنين من الارتفاع اليومي لاسعار المواد الأساسية عالميا، مع أنني لا أنكر احتمال وجود تسهيلات، لا أدافع عنها، للتجار في مواد اخري من اجل تعويض خسارتهم في المواد الأساسية".
المصدر:وكالة ونا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق