إعلان

إعلان

الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

الوزير السابق ورئيس الأيام الديمقراطية للتشاور عبد الله ولد الشيخ ولد أحمد محمود في مقابلة صريحة وجريئة


 كان جل من عارض فتوي الشيخ باب  من أصحاب الشوكة الذين سيفقدون إتاوات كانوا يفرضونها علي الضعفاء والعاجزين
أصحاب الإنقلاب الأول يبدوا جليا أنهم كانت لديهم نوايا سيئة تجاه بتلميت وأبنائها، حتي أنهم اعترضوا علي مرور الطريق من منها مفضلين أن تمر من روصو وتتجه شرقا
في حي هادئ من أحياء تفزغ زينة وفي منزل متواضع  يسكن شيخ وقور وبشوش يبهرك تواضع من 

الوزير عبد الله ولد الشيخ ولد أحمد محمود
 تسلم الكثير من الوزارت في فترة موريتانيا الأولي، شيخ يتكلم بحكمة وحنكة سياسية فريدة، يقطع حديثه  بكلمات  تذكرك بالآخرة والمصير المحتوم والصدق مع الذات.
في غرفته المتواضعة يجلس وبجانبه خرائط لموريتانيا ، وللعالم الآخر ، وبيده كتاب " الشمائل المحمدية " وفي مكتبته الكثير من الكتب العلمية والتاريخية، والوثائق النادرة، وفي ركن البيت مكتب مرتب، وجهاز إذاعي  قديم ،  وفي كل ركن من الغرفة بشاشة وابتسامة ، لا تخطئها عينك ، ووقار لا تكاد معه تحقق في وجه مضيفنا .
حقا هو من جيل فريد صناعة وخلقا وبساطة، تلاحظ ذلك في الهيئة والتعامل، تسقط نصائحه علي قلبك دون استئذان لصدق العاطفة والتوجيه ولمهابة الشيخ ووقاره.
ولضيفنا تاريخ محفوظ ، فقد كان الأستاذ عبد الله ولد الشيخ ولد أحمد محمود ، الذي ينحدر من مدينة بوتلميت، ومن أسرة علمية معروفة ، والذي يتكلم اللغة العربية والفرنسية والإنكليزية  أول من تولي تأسيس شركة " سونمكس " وكان كما يروي صاحب فكرة أن تكون عاصمة موريتانيا انواكشوط ، وتولي عدة مناصب ، بعد أن أكمل دراسته الإدارية في فرنسا عاد إلي موريتانيا سنة 1962 ليعين حاكما لدائرة أطار، ثم واليا لانواذيبوا ، وواليا للحوض الشرقي ، ثم وزيرا لعدة وزارات ، منها النقل ، والوظيفة العمومية ، والتخطيط والسياحة والصناعة ، ثم ممثلا لموريتانيا  في الإدارة الإنتقالية في الصحراء الغربية  ، ثم مستشارا في رئاسة الجمهورية في حكم الرئيس محمد خونه وبعد ذلك تقاعد في بداية الثمانينات  ولم يشغل أي منصب ، حتي اختاره العسكريون  رئيسا للأيام التشاورية ، التي- يؤكد ضيفنا أن التوصية الوحيدة التي تلقاها من الجهات المنظمة،  كانت الصدق والأخذ بجميع الآراء  - ، يعمل ضيفنا الآن مدرسا بالمدرسة الوطنية للإدارة،  وكان صاحب اقتراح تقديم دروس من التاريخ الموريتاني في هذه المدرسة وهو ما امتثلت له الإدارة فيما بعد .
تطرقنا مع ضيفنا لما يخص مدينتنا بوتلميت - مع رفضه التكلم بصفة  جهوية محضة - وهو ما ظل يؤكد عليه في ثنايا المقابلة ، لكن بحكم تخصص مدونتنا*بوتلميت اليوم* في شؤون بوتلميت، ودوره هو كأحد أبنائه، تطرقنا معه لكل المواضيع ذات الصلة بتاريخ الدولة، وبوتلميت وتاريخه الشخصي – الذي لم يكن يريد الحديث عنه – يتساقط الكلا م منه بكل انسيابية واقتدار يتلكم في التاريخ والسياسة و التراث والفقه وكل العلوم.
هو البحر من أي النواحي أتيته     فلجته المعروف والبر ساحله
فإلي المقابلة
أثناء المقابلة

*بوتلميت اليوم* : ماذا عن بتلميت ودورها التاريخي ؟
عبد الله : بتلمبت أسسه الشيخ سيديا الكبير ، وعند مجيئه لم تكن هناك استقامة  قروية ، فبني فيه دارا مشهورة - أدركت أنقاضها - كانت مكانا "للميْرة" ومكانا للكتب ، وقد أعلن استعداده  لتقديم كل مايحتاجه كل من يجيء إلي هذه المدينة فبدأت الناس تتوافد عليه بين من يريد العلم ومن يريد التصوف ومن يريد العيش معه وتوفير أمور معاشه، فكان لهذا التواجد قيمة بشرية رائعة ، وكان نواة لما يعرف بالمحظرة في بتلميت المدينة الحالية وأساسا للتقري فيها، لتبدأ المدينة بعد ذلك ، أما المراحل بعده فكانت استمدادا لتلك الجهود حيث قام بعده الشيخ سيد محمد ثم الشيخ سيديا باب وتواصل الجهد بعدهم.
فقبل الشيخ سيديا وإلى الآن كان هناك في كل قبيلة مركز علمي، وبعد الشيخ سيديا تمت المصادقة علي إقامة معهد في بتلميت، بتنفيذ من عبد الله ولد الشيخ سيديا، فكان لهذا المعهد دور كبير وبارز في تخريج أجيال كانت زبدة المثقفين والعلماء في هذا البلد.
*بوتلميت اليوم* : علي ذكر الشيخ سيدي باب هناك جدل الآن في الساحة  حول دخول المستعمر لموريتانيا ، ودور الشيخ سيدي باب في ذلك بشكل أساسي ؟
عبد الله : أولا أريد تصحيح كلمة الإستعمار ، التي معناها من عنده الأرض وزرعها كما تحيل لذلك الكلمة الفرنسية " كولون " أما الكلمة الدقيقة فهي الإحتلال و بخصوص الجواب علي سؤال
*بوتلميت اليوم* ، فهناك غلط كبير في هذه المسألة ، والكثير من الناس عن قصد فعل ذلك ، والبعض عن جهل ، لكن المتتبع للإرشيف الفرنسي يجد معلومات مؤكدة حول ذلك الموضوع ، ويجد أنهم خططوا لذلك وليس هناك مانع من ذلك ، فقد كان المحتل دخل الجزائر قبل ذلك وفي طريقه للمغرب ، وقوافله الاستكشافية جاءت منذو زمن بعيد ، فكان هناك تخطيط فرنسي للسيطرة علي موريتانيا، حتى تكتمل السيطرة علي مابين الشمال والجنوب .
الشيخ سيديا باب لم يذهب إلي النصاري ، فقد جاء كبلاني لتنفيذ الخطة التي رسمها الفرنسيون قديما ، وعندما وصل موضعا يسمي" سهوة الماء " شمال اركيز علم به الناس ومن ضمنهم باب ولد الشيخ سيديا ، فجمع جماعة وذهب إليهم في هذا الموضع ، ووجد أمامه الكثير من الناس ، منهم زوايا المنطقة الجنوبية ، وبعض أعيان  قبائل حسان ، وبعض الموريتانيين – ولا حاجة لذكر الأسماء- وعندما جاء بابه وجد المترجم المعروف ولد ابن المقداد فبرمج له لقاءا مع القائد الفرنسي - وهناك قصة طريفة توحي بالاستعداد الفرنسي في كل النواحي وخاصة جمع المعلومات فعندما جاء بابه التفّت حوله مجموعة من الموريتانيين ،الذين جاءوا قبله قائلين إنهم سيأخذون السلاح من الفرنسيين ويحاولون منعهم من دخول البلاد قائلين إنهم  يريدون منه تبني نفس الموقف فقال لهم " إيل فم " وعندما جاء إلي كبلان من الغد قال له مامعني " إيل فم " فقال باب معناها حتى ألقاك وأنا في ذلك الوقت لم ألقك - مما يدل أنهم كانوا مخابرين قبل مجيئهم ، وما أقوله موجود وموثق في وثائق كتبها الفرنسيون  في الأرشيف الوطني حسب اطلاعي عليه في سنة 1984 عندما كنت مستشارا للرئيس محمد خونة ولد هيدالة فطلبت من القائم علي الأرشيف إحضار محاضر الفرنسيين وخاصة دخول مدينة بوتلميت، لا أدري هل مازال هذا الأرشيف إلي الآن فيها  .
وقد سأل الشيخ باب الفرنسيين، ماذا تريدون ؟
 فقال له كبلاني نحن سندخل هذه البلاد
فقال له كيف تفعلون مع أهلها ودينهم ؟
 فقال له نحترم الدين ، ونسالم أهلها ، سواء من عارضنا أو وافقنا ، ومن حمل السلاح ضدنا قاتلناه ، ومن أراد أن نحميه فنحن مستعدون ، وقد كان بابه مشمئزا من السيبة الموجودة في البلاد والسطو علي الآمنين وغصب ممتلكاتهم فرأي في الأمر إمكانية لتحقيق مصلحة وطنية وتوفير أمن مفقود للضعفاء من صولة أهل السلاح وأصحاب الشوكة مع عدم القدرة علي رد الفرنسيين بحال من الأحوال ، ومع ذلك فإن الشيخ باب لم يتكلم ردا علي أجوبة كبلا ني ، وبعد رجوعه إلي بوتلميت شاع في الناس أن النصاري دخلوا البلاد ، فكان الحديث عن الجهاد ضدهم ، فكتب بابه كتابا يبين فيه بالدليل من الكتاب والسنة أن شروط الجهاد لم تتوفر بعد ، وبعث به إلي الزعماء وأصحاب السلطة الزمنية " حسان "فقبل الكثير منهم  ذلك وعارضه بعض آخر،  فتجمعوا  وغادروا إلي ولاية آدرار حيث تجمعوا هنالك حتى جاء العقيد " كورو" فدخل أطار عنوة ، بعد ذلك بدأت رحلتهم إلي المغرب لمحاولة الإعداد للمقاومة، مستعينين بالشيخ ماء العينين والسلطان المغربي  حيث بدأوا  التمركز في مدينة تجكجة حتى دخلها الفرنسيون فغادروا إلي  المغرب ، هذا عن المرحلة الأولي ، أما الشيخ  باب فلم يزد علي  كتابة  سقوط الجهاد عن أهل موريتانيا ، وقد قرأت في الآونة الأخيرة  كتابات بعضها عن جهل والآخر عن قصد تزوير التاريخ ، حتى أن أحدهم قال إن قبيلته كانت من أهل العلم في زمن كان  بعض سكان المنطقة الجنوبية في جهل معتم ، وهو أمر مضحك .
*بوتلميت اليوم* : ماذا عن دور بتلميت السياسي ؟
عبد الله : بتلميت كان لها دور مهم ، لأن أول رئيس لموريتانيا هو المرحوم المختار ولد داداه، ونواة معه من أبناء المدينة " بما أنكم سألتم عن المدينة فقط حتى لا يعتبر الأمر تزكية أو فخرا بها "  كانت اللبنة الأولي في بناء هذا الوطن واستقلاله حيث لم يكن الفرنسيون يريدون الإستقلال والمواطن الموريتاني في ذلك الوقت ليس مستعدا   لجعل الدولة المركزية  بدل النفوذ القبلي ، يساعده في ذلك رؤساء القبائل .
*بوتلميت اليوم* : وضعية مدينة بتلميت الآن ، مقارنة بدورها الثقافي والسياسي ، هل هو تهميش  من الحكومات ، أم نسيان أبناء المدينة لمدينتهم ؟
عبد الله : الجيل الأول أو جيل التأسيس للدولة الموريتانية ، ظل يسمو فوق الانتماءات والأعراق ، ويحاول بناء موريتانيا كلها دون تمييز أو محسوبية ، وقد يكون هذا مما أخر مدينة بوتلميت ، لكن الذين جاءوا بعد ذلك - وخاصة أصحاب الإنقلاب الأول - يبدوا جليا أنه كانت لديهم بعض النوايا سيئة تجاه المدينة وأبنائها ، حتى إنهم اعترضوا علي مرور الطريق من مدينة بتلميت مفضلين أن تمر من روصو وتتجه شرقا ، مما يبرهن علي أن الأحكام التي قبل الحكم الحالي كان لكل منها نصيب من ذلك  إلا أن الجماعة الأولي تميزت بالاهتمام بكل ما يضر حتى من خلا ل تفرقة مواطنيه ، والمشكلة أن المجموعة الأولي فاقدة لمفهوم الدولة  وأهميتها وهو ما انعكس علي تعاملهم  مع كل المواطنين
 *بوتلميت اليوم* : خلال عملكم في الإدارة  ماهي  أبرز الصعوبات مع الفرنسيين بعد الإستقلال ؟
عبد الله : في سنة 1962 عدت من فرنسا منهيا دراستي الإدارية ، وعينت " حاكم دائرة أطار " وبعدها عينت في انواذيبوا ، وعند مجيئي وجدت شركة "ميفرما" قد بنت مدينة " كاصادوا"  ولديها فرقة عسكرية تقوم بتأدية تحية الشرف في المطار لمسؤوليهم ولديهم إدارة كاملة في المدينة ، وكأنهم دولة داخل موريتانيا فرفضت الوضع وقمت بوضع فرقة من الدرك  وإدارة متكاملة في المدينة في أول تماس مع الفرنسيين النافذين آنذاك .
وأتذكر في تلك الفترة ، عندما أسس المرحوم بوياكي ولد عابدين شركة الخطوط الجوية الموريتانية، اشترى طائرتي دس3 وكانت " ميفرما " تستأجر يوميا طائرة صغيرة من دكار لحمل الأشخاص والمواد الغذائية وبعد صدور مرسوم يمنع ذلك كان لابد من إيقاف ذلك التصرف، والتأكيد على أن النقل الداخلي لا يمكن  إلا عن طريق الخطوط الجوية الموريتانية ، وعلمت بوجود طائرة في المطار تابعة لميفرما فأرسلت فرقة من ما يسمي آن ذلك ب " قوم الوطن " وأمرتهم بأن لا يتركوا الطائرة تطير وإن اقتضي الأمر استعمال بنادقهم ، واستدعيت مديرها وأخبرته الخبر فرفض التفاهم معي ، وذهبنا إلي الوزارة التي رفضت ما رفضته مطالبة بتطبيق القانون.
كما أن مشكلة وقعت لنا عندما اقترحت علي الحكومة الموريتانية إنشاء مركز إداري في " أحسي عدل بكر"كما كان يسمي آنذاك . وأوفدت لي الدولة السيد محمد ولد انّ " فأرسلت معه خيمة وبعض رجال الدرك وجهاز اتصال لاسلكي ، وأمرتهم ببناء مكاتب في عدل بكر ، لقربه من الحدود المالية ، وحتى تتوقف هجرة القبائل إلي مالي  بحجج متعددة وهو ما كان تحديا كبير ا يواجه الحكومة في تلك المرحلة ،  حتى يطمئن الموريتانيون ويسكنوا أرضهم ويجدوا إدارة تتعاطي مع مشاكلهم ، وبعد ما فطن الماليون أننا سنبني مكاتب ، جاءوا إلي السيد  محمد ولد انّ ، طالبين منه إخلا ء المكان في ظرف ثمان وأربعين ساعة  ، اتصل علي محمد ، وأخبرني بذلك ، فاتصلت علي انواكشوط ، وأخذت معي كل ما وجدت من العسكريين - وكانوا قلة - وهم كلما وجدت من الحرس والدرك ، وذهبنا إلي عدل بكرو ، وعلمت بوجود فرقة عسكرية بقربنا يقودها الضابط محمد محمود ولد الديه ، فأمرته بعدم المبيت إلا في "احسي عدل بكرو" وفعلا بتنا كلنا في عدل بكرو  مجهزين  بما نملك للدفاع عن أرضنا  وفي الصباح الموالي اتصلت علي الحكومة من نواكشوط ، وأخبرتني أن حاكم النوارة المالي سيلتقي بنا في مالي لرسم حدود عدل بكرو ، ذهبت أنا والسيد الدكتور عبد الله ولد اباه طبيب والسيد عبد الحي حاكم آمرج والضابطان محمد محمود ولد الديه ومحمد الأمين ولد زين ، وبعد مفاوضات شاقة لم نتوصل إلي نتيجة  فاقترحت عليهم الذهاب إلي عين المكان ، وطرح الخرائط لمعرفة حقيقة تبعية المكان و، فعلا ذهبنا إلي عدل بكر وأقر الماليون  بوجوده داخل حدودنا وإن بكيلين أو ثلاثة ، أمرت الحاكم ولد عبد الحي بضيافتهم ، حتى نعد نحن المحضر ونوقعه ويذهب كل منا بنسخة منه حتى لا تتكرر المشكلة.
 وقد زرت عدل بكرو سنة 1996 فوجدته مدينة عامرة ومركزا تجاريا مهما للتجارة وللدولة الموريتانية والحمد لله.
وبعد حل مشكلة الحدود، استدعتني الدولة و كلفتني بإنشاء شركة سونمكس ، وقمت باتصالات وأسفار عديدة بغية جلب الأموال ، لأن الدولة ليس لديها تمويل لهذه الشركة ووجدته منسيا عند الجمارك في السنغال بموجب اتفاق مشترك مع موريتانيا، وكانت المشكلة أنني ليست لدي خبرة في التجارة الخارجية ، فاستعنت بخبير فرنسي من شركة عالمية لصناعة السكر في العالم ، مكث معي أشهرا في غرفة من مبني الغرفة التجارية ، فأعطاني فكرة عن الشحن والتجارة الخارجية والموانئ ، وسافرت إلي دكار وعدت منها بعد الحصول علي التمويل ، ثم سافرت إلي الصين  لشراء الشاي ، ومنها إلي "كامبودج" لشراء نوع من الأرز يحبه الموريتانيون كثيرا ، واشترينا السكر من الشركة الفرنسية فأنشأنا شركة سونمس التي بدأت بعاملين ، كاتبة وسائق مع المدير العام ، وفتحنا فرعين في الداخل أول فرع كان في لعيون ـ لأن المنطقة الشرقية كانت كل ما جاءت  الأمطار انقطعت عن البلاد بسبب السيول ـ وعينت على هذا الفرع أحمد ولد الطايع  والآخر في كيهيدي لا أتذكر من يديره  وقضيت عليها ثلا ث سنوات .
وبعد ذهابي من ازويرات إلي الحوض الشرقي ، ومعاينة أحوال الناس وأوضاعهم المعيشية ، تبنيت مشروعا كان له أثر كبير في تلك السنة 1964 حيث كانت حكومة مالي تمركز التجارة كلها تحت يد شركة واحدة ، وكان الموريتانيون في تلك المنطقة يستعملون الكثير من الحبوب ، ويفضلون شراءها عن طرق أخري لأنها أرخص ، وصار الماليون يأخذون من الموريتانيين كل من يشتري من غير الشركة فكان في ذلك مشقة علي المواطنين ، رأيت أن البلديات الريفية في ذلك الوقت لديها ميزانيات كبيرة بحكم ضرائب الحيوان ، تصل في بعض الأحيان إلي عشرات الملا يين من الفرنك الإفريقي الذي نتعامل به آنذلك ، ومع أنني ليست لي عليهم وصاية ولا أتدخل في شؤونهم ، فرأيت إنشاء مشروع زراعي مفيد من أهم الحاجيات في ذلك الوقت ، ورأيت الماليين لديهم نوع من الآليات الزراعية قدمت من الشرق الشيوعي تسمي بالعامية عندنا " إيواجلن " واحده " أواجيل " فطلبت من المدير العام للزراعة معرفة مكان بيع هذه الآلات فإذا به ليس لديه علم بذلك فتصرفت ، ووجدت أحد الآوربيين يعرف مكان بيعهم في السنغال ،  فاتصلت علي الشركة ووقعنا الصفقة علي500 آلة زراعة وأمرت اصحاب البلديات بتوقيف ميزانيات البلدية وامتثلوا مع عدم إلزامية ذلك لهم مني ، واشترينا تلك الآلات ، وكان لها  دور فعال في الزراعة في ذلك العام ، وكانت المرحلة الثانية هي شراء ألف آلة زراعة ونفس العدد من الثيران ليستفيد أصحاب المواشي ، وإنشاء مخازن في كل بلدية مع بعض الصيانة للآلات  ، فأرسلت لي الوزارة المدير السيد مالكيف ول الحسن فلما كان وقت الحصاد كانت النتيجة مفاجئة بكل المقاييس بقي الزرع في كل مكان ، لكني استدعيت إلي  العاصمة بعد ذلك لمهام الوزارة .
كما أن مدينة النعمة في فترة الأمطار لم يكن الطيران يستطيع النزول فيها لأن المدرج تفسده المياه ، وبحكم صداقتي مع السفير الألماني ، مول لي مدرجا وصار الطيرا ن ينزل في كل وقت في مطار النعمة .
هذه بعض الأمور أردت التنبيه عليها ، حتى أؤكد أن عملنا كموريتانيين وكمنحدرين من مدينة بتلميت ، كان عامّا وشاملا ، وأستطيع القول إن بتلميت لم أعطه أي جهد من عطائي كأحد أبناء المدينة ، بينما كان للحوضين أساسا وولايات الشمال  ، والضفة ، وهو ما أفتخر به ولا أمنّه علي أي مواطن في هذا الوطن الحبيب .
*بوتلميت اليوم* : كنتم واليا في العيون فترة الحكم الإنتقالي في الصحراء، ماذا عن هذه الفترة ؟
عبد الله : كان هناك اتفاق بين موريتانيا وإسبانيا والمغرب علي إدارة مشتركة للصحراء ، وكنت والي موريتانيا مع المغربي أحمد بن سودي والإسباني" سلا زارا "وكان علينا البقاء لمدة ستة أشهر بعدها يستدعي المجلس الإقليمي للموافقة علي تقسيم الصحراء بين موريتانيا والمغرب ، وكانت مرحلة صعبة  وتعرضنا لأمور عدة منها أن الصحراويين حاولوا قتلنا فوضعوا قنبلة في الفندق الذي نسكن فيه ، وفطنت لها عاملات نظافة ، واشتبهوا فيها وأخبروا رجال الأمن ففككوها وأذاعها الإعلام الإسباني ، أتذكر أن السيد معروف ولد الشيخ عبد الله اتصل علي وهو سفير في مدريد للإطمئنان علي صحتي .
أمرتني الحكومة  بالذهاب بمديري مراكز من  موريتانيا إلي مدينة الداخلة، للتدريب علي إدارة تلك المنطقة وتأمينها فأخذت معي بعض الإداريين ، وعسكريين هما الضابط  السيد أحمدو ولد عبد الله لتأمين ميناء الداخلة والسيد أحمد سالك ولد سيد لتأمين ميناء شبه جزيرة الداخلة ، وأقمنا حفلا حضره وزير الدفاع السيد عبد الله ولد أباه ووجدنا مشكلة في تأمين المنطقة لقلة السيارات فأعطانا الأسبان عشرين سيارة قديمة لا تستطيع قطع الطريق إلينا فطلبنا منهم  حملها في سفينة إلينا ، وطلبت من السيد أحمد سالك ولد أبوه وهو رجل أعمال شراء بقية السيارات فاشترى لنا عشرين سيارة جديدة وعدة أجهزة اتصال لا سلكي من إسبانيا وأرسلهم إلينا في الداخلة .

*بوتلميت اليوم* أخيرا: هل من نصيحة توجهونها لشباب المدينة ؟
أنصح الشباب في مدينة بوتلميت ببذل الجهد لبناء المدينة والإرتفاع عن النزاعات والصراعات القبلية ، وأن يكثروا من  النقاش والقراءة ومعرفة كل الأمور القديمة والجديدة علي الساحة الوطنية
كما أؤكد أنه علي الشباب أن يبتعدوا عن معارضة الأنظمة الحاكمة ، لأنه حسب قناعتي أن المعارضة في العالم الثالث غير مفيدة ولا منتجة وتمكن من  استهداف المدن التي ينحدر منها المعارضون وهو ماجربناه وجربه من عارض الأنظمة .
كما أؤكد أن الرئيس المرحوم المختار ولد داداه كان له اهتمام خاص بالشباب وتجلي ذلك في مؤتمرات عقدها وانضمامات شبابية واضحة ، وإشراكهم في القرار والتوظيف .
وأنصح شباب مدينة بوتلميت بالإنضمام للحزب الحاكم الآن لانني أري أن توجها ت الرئيس محمد ولد عبد العزيز بناءة وتخدم مصلحة الوطن ، كما أن توجهه يولي أهمية كبيرة  ويهتم بالشباب اهتماما كبيرا .
كما أؤكد استعدادي للمشاركة في أي جهد يبذله أبناء هذه المدينة ، من محاضرات وندوات تنير الطريق وتعطي دفعا قويا لمدينتينا العتيقة والغالية.
*بوتلميت اليوم* شكرا جزيلا السيد الوزير .
عبد الله:  شكرا لكم وأتمني لكم التوفيق .






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق