إعلان

إعلان

الأحد، 4 ديسمبر 2011

المدرسة رقم 1في بتلميت عندما يخضع التراث لنزوات السياسيين " ملف بالصور "


صورة من بقايا المدرسة الأصلية 
في مدينة بتلميت وفي منطقة "حي الجديدة " تصادفك جدران متهالكة من الطين , وقمامة في كل جانب , وشجيرات يلعب أطفال تحتها في وقت الحر,هذا كل ما بقي من صرح علمي كان في زمنه المكان الأوحد في بلادنا .

المدرسة رقم 1 في بتلميت مبني شاهد علي عراقة المدينة من الناحية الثقافية العصرية وعلي تقدم أهلها لكل المناطق الأخري علما وحضارة .

عائشة منت محمد مديرة المدرسة رقم 1
هنا درس الرعيل الأول كله من أبناء موريتانيا وتخرج الأطر والوزراء والمثقفون في مناطق الوطن الكثيرة .

معلًم من المعالم القليلة في بلادنا أصبح متهالكا وكان من المفترض أن يبقي شاهدا علي فترة من العطاء والتقدم .

المبني الجديد للمدرسة 
المدرسة رقم 1 حيث درس أول رئيس لموريتانيا الأمة المرحوم المختار ولد داداه وجيله من المثقفين والكوادر الذين حملوا علي عواتقهم بناء الدولة الموريتانية الحديثة تعاني اليوم من الاندثار أو علي الأصح - اندثار الأثر-  حيث لم يبق منها سوي جدران متهالكة من الطين متباعدة كأنها أشباح .

تقول مديرة المدرسة السيدة عائشة منت محمد أن المعلومات المتوفرة عن تاريخ المدرسة شحيحة وأن هناك معلومات عن إنشائها في سنة 1928 وأنها في فترتها الأولي كانت في شمال مدينة بوتلميت لتنتقل بعد ذلك لمكانها الآن مضيفة أن المعلومات الرسمية تقول إنها أنشئت سنة 1932 .

سجل الرئيس الراحل المختار ولد داداه 
وتضيف المديرة " لقد درّست فيها سنة 1985 وكانت المكاتب آنذاك في مبني من الطين لكنها انتقلت بعد ذلك إلي المبني الجديد.

تتحدث المديرة وهي تنظر في الإرشيف الذي هو كل مابقي من هذه المدرسة يصارع اليوم دون ادني عناية رسمية أو حتي محلية .

صورة من سجل النداء اليومي للمدرسة 
نسخة واحدة من الإرشيف هي كل ما يتوفر منه  وهي متروكة في مكتب المدرسة والذي لا يتوفر علي أدني صيانة رغم ما قامت به المديرة الحالية  من جهود محلية ورسمية للعناية به ولكن دون جدوي .

إرشيف يضم الرقم الذي كان يحملة أبو الأمة الموريتانية المختار ولدداداه وهو الرقم 131 وورقة خاصة به ككل الطلاب المسجلين تحمل تفاصيل كثيرة عنه من قبيل تاريخ الالتحاق بالمدرسة والقبيلة وحتي المجموعة الداخلية في القبيلة .

سجل باللغة العربية في مرحلة ليست بعيدة 
نظرت بكثير من الاستغراب لورقة الرئيس المختار ولد داداه حيث أنها وبكل بساطة الورقة الوحيدة الموجودة من تاريخه في هذه الفترة وأقلبها أنا بين يدي في لحظة من الإهمال الرسمي المتعمد وفي الذكري الواحدة والخمسين لاستقلال موريتانيا قلت في نفسي لو كانت لرئيس آخر غير موريتاني وحتي غير مؤسس لكانت في الإرشيف الرسمي للدولة وكانت المدرسة كنزا ومعلما تاريخيا لا يزوره إلا الرؤساء وكبار الضيوف ولأعطاها الإعلام الرسمي في ذكري الاستقلال أهمية خاصة واستضاف خريجين منها علي قلتهم ولكننا في دولة نشأت بقدرة قادر في آخر انقلاب وليس لها تاريخ قبل ذلك كما يحلوا لحكام موريتانيا الجدد.

أشجار ساقطة وقمامة هم جيران المدرسة القديمة 
في الإرشيف كل شيء منظم سجل النداء للطلاب وسجل حضور الأساتذة أما سجل الطلاب فهو مضبوط بشكل دقيق من سنوات 31- 32 وحتي يومنا هذا .

رجال كثر أدارو المدرسة وفي فترات متعددة منهم موريتانيون من أمثال الراحل محمد ولد سيدي عالي في سنة 1960 وكذلك اسماعيل ولد أبو مدين وغيرهم كثير من الرجال الكبار في هذا البلد .

منظر من بقايا المدرسة 
تقول مديرة المدرسة إن ما منع الدولة من ترميم المدرسة في وقتها حسب معلومات متواترة هو أن البعض كان يعارض بقاءها كمعلم تاريخي وصرح علمي ويتذرع لذلك بحجة أن شكلها الأصلي علي شكل صليب أو كنيسة ولذلك لا يمكن بقاؤها عليه ولا ترميمها .

وهناك سؤال ملح هو  لماذا لا ترمم علي شكل ليس شكلها الأصلي حتي يبقي منها ما يدل علي أهميتها ؟

ولماذا لا يحفظ الإرشيف في مكانه الحقيقي وهو الإرشيف الرسمي وتترك منه نسخ أخري في أمكنة متعددة ؟ أم أنه هو الآخر له شكل مسيحي لا نعرفه  ؟

ولماذا لا تكون المدرسة معلما للإستقلال وهي مكان دراسة الجيل الأول ولماذا ويكتب عنها وتخلد فيها بعض فعاليات عيد الاستقلال الوطني ؟

أسئلة كثيرة تبقي حائرة في ظل التجاذبات السياسية والتهميش المتعمد للمدينة وكل ما يرمز لعمقها وأهميتها ومكانتها في أزمنة متعاقبة وهو ما لم يبقي للمدينة ذكرا في الثقافة الحاضرة حيث يخطط لتناسيها في الزمن المقبل .

غادرت المكان وأنا أحس بظلم كبير وغبن متعمد وتهميش في وقت أصبح العالم يفتخر بكل ما يملك ونحن نهمش ما ليس من صنع حاكمنا الحالي .

وأنا أختم هذا التقرير أناشد كل الخيرين من أبناء المدينة الحريصين عليها ومن بعدهم كل الموريتانيين مد يد العون لإرشيف يصارع من أجل البقاء ومدرسة أصبحت أطلالا بعد أن كانت كل شيء في وقتها .

فهل من مجيب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق